Feeds:
المقالات
التعليقات

Posts Tagged ‘حرب’

رجعت إلى الحاضر .. إلى اللحظة .. لحظة رجوع روحي من الشاطىء .. لم أبتعد كثيرا من غرفة سارة الريس لكنني احسست اني في زمان و مكان اخر…

عيونها تلاحقني في كل انحاء الغرفة.. في كل زاوية من زوايا المنزل.. عيون سالي تتربصان بي كنمر يتربص بفريسته الضعيفة .. كيف لي أن اتجنبها و هي تسيطر عليّ .. البعض يخاف منها .. يهرب .. يركض باسرع من اوتي من قوة كي يهرب من هذا القدر المسمى عيون سالي الخوري

الساعة تقترب من منتصف الليل .. صباح جديد يولد بعد دقائق .. صباح دموي اخر .. صباح الجثث و العسكر و المليشيات .. صباح محمد و علي و عيسى .. صباح الحزب و الطوايف و الدين و الله و يسوع .. صباح يشتت و يفرق .. صباح الاخوة الاعداء .. يا ريت يموت قبل مل يطلع .. صباح الاذاعات المختلفة و البيانات و الشرقية و الغربية .. و بعدن العرب ساكتين شو بدن بلبنان

أشرب ما تبقى من قنينة البيرة الساخنة .. ماء شعير يغلي في حنجرتي و يترك مذاقا مرا في نفس الوقت .. أضعها على الطاولة الزجاجية بجانبي و للمرة الاولى اجد كرة زجاجية .. فيها كوخ خشبي من البلاستيك أو الحجر .. حديقة صغيرة فيها بعض شجر التفاح .. كلب راعي امام الكوخ و ثلج في كل مكان .. على السطح .. على الاغصان .. تغطي الأرض .. اخذتها و تاملت سالي من خلالها .. كم بدت مضحكة .. عيناها اكبر من عيون البوم , اللون البنفسجي يملىء الفضاء .. كتف اكبر من الثاني .. تصغر او تكبر حسب تحريك الكرة

ضحكت من دون سبب .. نظرت الي

مجنون شي

طبعا مجنون .. بس انت حلوه بالثلج .. ساحرة شريرة في قصر.. مرة اب بتعذب البنت .. او بنت ليل بتقتل الزبون و راح الشبGone with the wind

حازم شو قلت .. مين بنت ليل يا ابن الحرام ..

و دون مقدمات اطفئت سبجارتها .. نهضت .. اقتربت مني في سرعة البرق .. صفعتني على الخد الايمن .. خدشتني اظافرها .. افاقتني من غيبوبة .. لسعتني .. و احسست بدماء قليلة تسيل من اثار الاظافر .. و قدمت لها الخد الايسر .. بطلعلك انا حيوان و سكران و ابن حرام .. اضربي .. لكنها لم تضربني هذه المرة .. قالت .. يلا قوم قرفتني و نزعت السهرة الله يقصف عمرك

نظرت الي و نهضت من المقعد .. لملمت ما تبقى من كرامتي العربية المهدورة .. مترنحا على ايقاع قلبي .. رائحتي كريهة .. حانة خمر متحركة.. الخمرة و النساء تجري في عروقي .. اتلمس طريقي .. سالي أمامي .. رائحة شاليمار تنفث من فستانها و تدلني على المخرج .. على بر الامان .. يد الباب المذهبة .. الهة يونانية .. المفتاح في فمها .. ادارته سالي و فتح الباب .. نظرت إلى سارة .. مندهشة من ما حدث .. من ما سمعت .. سارة تصبحي على خيييييير … لم اسمع جوابا .

خرجت من المنزل .. لا استطيع ان اسوق السيارة .. تكسي .. بدي تكسي .. سالي ممكن توصليني .. اكيد لا .. بس ممكن .. اجرب …

سالي ممكن توصليني .. ممكن يلا اقعد قدام .. انطلقنا في ليل بيروت .. أغفو و اصحى .. ارى بعضا منها .. اريد ان اتاسف .. لا شيء يخرج من شفتاي .. لا تتحدث سالي .. غارقة في هذا الحبر الاسود .. و انا احترق في المقعد .. قل شيئا .. اعتذر .. يلعن أبو شو ما بدك .. سالي .. اسمعيني .. لا جواب .. صمت رهيب يقتل الليل و النهار .. رميت نفسي إلى الوراء .. أعمضت عيوني .. الهواء يلسعني .. أريد ام اصل إلى المنزل .. أنام .. أموت .. أفكر في سالي .. أعتذر شو أعمل .. مجنون رسمي .. شرقي فاشل .. محنط .. خنزير .. نوم و ظلام

Read Full Post »

أين البيرة يا سارة؟

سؤال ظل يراودني و أنا جالس امام سالي, التقط أنفاسي و اعد الدقائق للهرب من المأزق

كم أنت احمق يا حازم ..غبي.. كيف نفكر؟

دارت هذه الاسئلة في ذهني .. هل أنا الأن خارج الحاضر.. مشرود البال و الذهن .. و ها هي عيون سالي تلحق بي

 

حازم .. حازم

صوتها من بعيد .. كجدول ماء رقراق .. كحقل ربيعي تتسابق فية الريح

افقت من سكرتي .. من الموت.. من تشرد الذات .. إلى بيروت ..حورية البحر التي تتنازع عليها ملكات الشرق و ملوك الغرب, الكل يريد قطعة من ذيلها.. من شعرها .. من جسدها الناصع البياض.. الكل يريد تذكار من بيروت .. شعلة من النار, من الحرية او الجمال.

أفقت من هذا السبات البيروتي على صوت سالي

نعم سالي .. كنت شارد الذهن.. حكيتي شي

لابس عندك Valium 

كانت ابتسامتها خبيثة .. ابتسامة ليليث عندما تخطف طفل من مهده

لا ساندي ما بتعاطى ادوية … بيروت و وجعها و قصصها ما بدهم Valium .. بدها أنفجار نووي .. بدنا قارب يحمل كل أصحاب النظريات السياسية و الأحزاب و الطوايف و نطلقوا على فبرص او ماطا

نظرت الي بدهشة .. عيناها اتسعت اتساع البومة … و قالت

فكرة حلوة .. لو فينا نجربها بكرة

اتت سارة  معها البيرة و الجن .. تناولت القنينة الخضراء الباردة .. تسلم ايدك ..اخذت سالي الكأس و بدات بشربه .. رغم انه لم تستسغ طعمه للوهلة الأولى و ظل قدح النبيذ وحيدا .. يتصبب عرقا في ليل بيروت

سالي .. اخذت ممتلكاتها الأرضية .. حضنت الكأس .. ذهبت إلى رحلة مجهولة الوجهة.. رحلة قد تكون إلى ذاتها .. إلى المجهول.. إلى البداية .. في البداية كانت سالي و كانت سالي الكلمة.. انها تبتعد .. تنتشي.. تهرب من هذا الجحيم اللبناني الذي اندلع من تحت الرماد الأزرق.

و رحلت أنا إاى شاطىء بيروت الليلي.. هذا الذي يمتد امامنا كل ليلىة منذ البداية.. ما جدوى هذا الحبر امام هذا البحر .. الصمت المميت امام التاريخ .. الأسطورة .. اسطورة قهرت اساطيل التاريخ.. لكنها تقف عاجزة عن وقف هذا الجرح المفتوح الذي يصب في هذا البحر الأبيض الذي اسميه البحر الأحمر المتوسط .

 

Read Full Post »

ها نحن نلتقي مرة أخرى في مدينة غريبة. مدينة تحضن بومة و عاشق حرية. مدينة تنام بعين واحدة , و تحرس بالاخرى

مدينة جديدة , ترحب بزوار جدد كل دقيقة مع قدوم طائر جوي يحط بسلام على مدرج مطارها الصحراوي

طيور جوية من كل بقع العالم , اجناس و الوان تزدحم في صالة واحدة … في صف واحد طويل, يقفون بين الصمت و الخوف
ينتظرون  ضابط الهجرة بختم الجواز , هذه الاوراق التي تثبت انتمائنا لمفهوم او جنس او عرق او دين معين

ها انا حازم الناطور … امسك بيد سالي الخوري و نهرب إلى عالم جديد

رايتها أول مرة في المنارة عند سارة الريس , مساء العاشر من حزيران 1975 , تحت القصف بين أصوات الرصاص المنهمر كالمطر  .. بين صراخ الاخوة و الغرباء . رايتها كالعذراء محاطة بهالة نور , هادئة في صمت منقطع النظير.رايتها تتامل بصمت ما يدور خلف زجاج النافذة . ترتشف كل بضع دقائق بعض النبيذ الابيض من كاس امامها بصمت رهيب.

بدت في عالم اخر … سابحة في زمن الحب الاخر لم تعرني اي انتباه … لكنني رايت ثلاث شامات على رقبتها على شكل مثلث متساوي    الأضلاع… لم انتبه إلى صوت الرصاص او صراخ الناس… فقط على هذه النقاط الثلاث. سرحت بعيدا فيهم, اردت ان اقترب منهم و اضع يدي عليهم . علني اسافر من واقع بيروت الدامي إلى فضاء هذه الساحرة التي تدير ظهرها لي … ترتشف نبيذا و ترسل يدها في شعرها الكستنائي الطويل

سالي …. سالي قالت سارة اسمها بصوت مرتفع. التفتت الينا و انتقلت من عالم الحب و الخيال إلى الواقع. سالي, سالي الخوري

قلت بصوت حازم .. حازم الناطور , تشرفنا

صافحنا و التقت يدانا لأول مرة, محدثة انفجارا جديدا في بيروت غير كل الإنفجارات  البشرية التي تحدث بين الأونة و الأخرى لجهل او تخلف

ارتديتي فستانا قصير من الحرير البنفسجي يكشف عن كتفك و ذراعك الأيسر , بينما كان كتفك الايمن مختبأ .. يختلس نظرات من تحت وردة بنفسجية من نفس الحرير

عيناك … لم تكن نوافذ إلى روحك , بل مدخل إلى قدر عرفت إنني لن استطيع الفرار منه. في تلك الثانية تذكرت أغنية لوردة الجزائرية تعني فيها للعيون السود

وانت عارف منتا عارف

اد اية كتيرة وجميلة

العيون السود فى بلدنا يا حبيبى

و تذكرت قول الشاعر جرير

إن العيون التي في طرفها حور

قتلننا ثم لم يحيين قتلانـــا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به

وهن أضعف خلق الله أركانا

نظراتك نظرات مشعوذة بابلية تحضر بعض من السحر , لتجذب ضحية جديدة

إبتسمت و لم تقولي شيئا .. سرحت في الفضاء .. بحثا عن مكانك في عالمٍٍ اخر ..  كنت مصعوقا بهدوء أعصابك .. ببرودتك مثل قمة إفرست. لم استطع ان اصفك .. مصعوقا بك ..الأبجدية عاجزة عن وصف الحالة التي تعيشين فيها.. أنني احاول جهدي , لكن اجد صعوبة بالغة في إعطائك حقك يا مجنونة – هذا ما عرفته عنك لاحقا

فجأة و بدون مقدمات أخذتي حقيبة يدك البيضاء  من الأرض و بعد ثوان تناولتي سيجارة سلك كت و قداحة ذهبية قديمة و أشعلتيها و بعد نفس عميق احمرت بها السيجارة قلت

حازم تشرب سيجارة … انسى الهم و ولع فيها ..  شكلك ما بيتدخن

لا بدخن بس زمان ما دخنت يا سالي

و تناولت منك سيجارة بيضاء اللون.. ذكرتني بالعروس ليلة زفافها .. لا تدري مصيرها على يد عريسها . “اخذث أول نفس و ثاني نفس” احسست أن التبغ و النيكوتين يحاولون غزو عقلي و سحبي إلى مدينة ضبابية داخل جسدي .. لندن أخرى .. مليئة بأجناس مختلفة .. مدينة مليئة بالضباب و الغموض

دوار خفيف.. السيجارة تحترق بطيئا .. طرفها المحترق يسير بطيئا

لمحتك من خلال الدخان .. تدخنبن بصمت .. تتلذذين بحرق لفافة التبغ .. تسيطرين عليها .. ثم ترميها في سلة المهملات

لم أنتيه إلى سارة .. أكانت معنا .. لا اذكر .. هل خرجت من الغرفة و ذهبت إلى ركن اخر من المنزل .. لا ادري .. فجأة أحسست باصابعها الطويلة المطلية بالازرق تنقر على كتفي

تشرب شي حازم

فاجابت سالي .. يمكن ما بشرب .. و كانت نظراتها جادة .. متحدية .. جريئة

  بشرب بيره او وسكي whatever ..

و أنت سالي .. جين و تونيك ..صح

سارة  oui

ذهبت سارة إلى البار في غرفة الضيوف و مزجت مشروب سالي.. سمعنا تصادم الثلج في الكاس و تدفق الجين و التونيك عليها

ضحكت سالي .. قهقهة عاليا.. حسبتها ستعوي مثل الذئاب.. رأيت ان نصف اسنانها السفلية مكسورة .. لثة حمراء مزروع فيها بعض الاسنان البيضاء.. مثل ثلج يغطي بقعة دم شاسعة.. ذهلت .. لم استطع اخفاء دهشتي من هذه المفاجاة.. لم اتوقع هذا المنظر .. ظننت أنها مخلوق ساحر .. جذاب .. مثير و الان .. مختلف

مش مشكلة يا حازم .. حادثة و صارت من فترة

قالتها بصدق يشع من عينيها .. عندما رأت ردة فعلي الحيوانية .. البربرية .. اللاشعورية

خجلت منها .. لم استطع مواجهتها .. خفت من نفسي .. لا منها .. من ضعفي امامها .. لا اريد ان ابدو كالاحمق او الابلة امامها

يا عمي حادثة و صارت .. انسى

أين البيرة يا سارة؟؟

الشاطىء

Read Full Post »