رجعت إلى الحاضر .. إلى اللحظة .. لحظة رجوع روحي من الشاطىء .. لم أبتعد كثيرا من غرفة سارة الريس لكنني احسست اني في زمان و مكان اخر…
عيونها تلاحقني في كل انحاء الغرفة.. في كل زاوية من زوايا المنزل.. عيون سالي تتربصان بي كنمر يتربص بفريسته الضعيفة .. كيف لي أن اتجنبها و هي تسيطر عليّ .. البعض يخاف منها .. يهرب .. يركض باسرع من اوتي من قوة كي يهرب من هذا القدر المسمى عيون سالي الخوري
الساعة تقترب من منتصف الليل .. صباح جديد يولد بعد دقائق .. صباح دموي اخر .. صباح الجثث و العسكر و المليشيات .. صباح محمد و علي و عيسى .. صباح الحزب و الطوايف و الدين و الله و يسوع .. صباح يشتت و يفرق .. صباح الاخوة الاعداء .. يا ريت يموت قبل مل يطلع .. صباح الاذاعات المختلفة و البيانات و الشرقية و الغربية .. و بعدن العرب ساكتين شو بدن بلبنان
أشرب ما تبقى من قنينة البيرة الساخنة .. ماء شعير يغلي في حنجرتي و يترك مذاقا مرا في نفس الوقت .. أضعها على الطاولة الزجاجية بجانبي و للمرة الاولى اجد كرة زجاجية .. فيها كوخ خشبي من البلاستيك أو الحجر .. حديقة صغيرة فيها بعض شجر التفاح .. كلب راعي امام الكوخ و ثلج في كل مكان .. على السطح .. على الاغصان .. تغطي الأرض .. اخذتها و تاملت سالي من خلالها .. كم بدت مضحكة .. عيناها اكبر من عيون البوم , اللون البنفسجي يملىء الفضاء .. كتف اكبر من الثاني .. تصغر او تكبر حسب تحريك الكرة
ضحكت من دون سبب .. نظرت الي
مجنون شي
طبعا مجنون .. بس انت حلوه بالثلج .. ساحرة شريرة في قصر.. مرة اب بتعذب البنت .. او بنت ليل بتقتل الزبون و راح الشبGone with the wind
حازم شو قلت .. مين بنت ليل يا ابن الحرام ..
و دون مقدمات اطفئت سبجارتها .. نهضت .. اقتربت مني في سرعة البرق .. صفعتني على الخد الايمن .. خدشتني اظافرها .. افاقتني من غيبوبة .. لسعتني .. و احسست بدماء قليلة تسيل من اثار الاظافر .. و قدمت لها الخد الايسر .. بطلعلك انا حيوان و سكران و ابن حرام .. اضربي .. لكنها لم تضربني هذه المرة .. قالت .. يلا قوم قرفتني و نزعت السهرة الله يقصف عمرك
نظرت الي و نهضت من المقعد .. لملمت ما تبقى من كرامتي العربية المهدورة .. مترنحا على ايقاع قلبي .. رائحتي كريهة .. حانة خمر متحركة.. الخمرة و النساء تجري في عروقي .. اتلمس طريقي .. سالي أمامي .. رائحة شاليمار تنفث من فستانها و تدلني على المخرج .. على بر الامان .. يد الباب المذهبة .. الهة يونانية .. المفتاح في فمها .. ادارته سالي و فتح الباب .. نظرت إلى سارة .. مندهشة من ما حدث .. من ما سمعت .. سارة تصبحي على خيييييير … لم اسمع جوابا .
خرجت من المنزل .. لا استطيع ان اسوق السيارة .. تكسي .. بدي تكسي .. سالي ممكن توصليني .. اكيد لا .. بس ممكن .. اجرب …
سالي ممكن توصليني .. ممكن يلا اقعد قدام .. انطلقنا في ليل بيروت .. أغفو و اصحى .. ارى بعضا منها .. اريد ان اتاسف .. لا شيء يخرج من شفتاي .. لا تتحدث سالي .. غارقة في هذا الحبر الاسود .. و انا احترق في المقعد .. قل شيئا .. اعتذر .. يلعن أبو شو ما بدك .. سالي .. اسمعيني .. لا جواب .. صمت رهيب يقتل الليل و النهار .. رميت نفسي إلى الوراء .. أعمضت عيوني .. الهواء يلسعني .. أريد ام اصل إلى المنزل .. أنام .. أموت .. أفكر في سالي .. أعتذر شو أعمل .. مجنون رسمي .. شرقي فاشل .. محنط .. خنزير .. نوم و ظلام